تِلكَ الدموعُ أعرفُها … مدَى صِدقِها أعرفُه ..سخونتُها على الخدِّ أعرفُها … التنهيدةُ والنشيجُ الصادقُ أميزُه .. لغةُ الجسدِ المتألمِ أدركُها.. رعشةُ الأكفِّ والشفاهِ أعِيها .. وأدركُ مدَى صدقِها منْ زيفِها.
….كانَت هذِه لأُمِّ مَحروس العاملِ بالمزرعةِ .. وكُنتُ لا أعرفُها والذِي عرَّفنِي بِها هوَ الأستاذُ / ثروت إبن الحاج … صاحبِ المزرعةِ .. و كنَّا نَهُمُّ فِي صُعودِ السلالِمِ للدورِ العلوِي بالمزرعةِ حيثُ ينتظرنِي الحاج / … … وحالَ صعودِي درجاتِ السلمِ.. تناهَت لأُذنِي كلمةٌ موجّةٌ لِي مِن أمِّ محروس وسطَ نشيجِها …. ابني مظلومٌ .. ابني مظلومٌ يا دكتور …. و قد صدقتَها لفورِي غيرَ محتاجٍ إلى براهينٍ وأدلةٍ …
ولكنِّي لم أعرفْ ما هوَ الموضوعَ الذي أتُّهمَ فيهِ ابنُها محروس… ولكنِّي عرفتُ أنَّ هناكَ مشكلةً ما … و المشكلةُ ليسَت بالهيِّنةِ فتلك الدموعُ السخينةُ المنسكبةُ بغزارةٍ على خدَّيهَا لا تكونُ بسببِ أمرٍ هيّنٍ .. بلْ لحدثٍ جللٍ … فتعاطفتُ معَها وصدقتَها و قلتَ لها بصوتٍ رزينٍ هادئٍ محاولاً أنْ أبثُّ فيها الطمأنينةَ .. لا تخافِي .. و أتركِي الأمرَ للهِ .. وصعدت السلالمَ مع ثروت … وقد تناهَى إِلي أسماعِنا لغطٌ كثيرٌ وأصواتٌ مُحتدةٌ و أخرَى زاعقةٌ ، آتيةٌ إلينا من داخلِ العنبرِ العلوِي فقلتُ يا رب أستر … فالحاج / … مريضٌ بالقلبِ … وهذَا الانفعالُ فِي غيرِ صالحِهِ … فنظرتُ إلى ثروت متسائلًا …ما الموضوع ؟؟.